احبها كما لم يحب احدا من قبل ....
احبها بكل ما يملك من طاقة على الحب.. و بكل طرق الحب التى عرفها
و التى لم يعرف حتى دخلت هى الى حياته فـ امتلكته حتى امتلكه الحُب
و لكن الفرق هو ان حبه جعله يقول و يفعل..
اما هى فكانت تفعل فقط..
فمن قناعاتها الثابتة( ان ندم ما لم يقال اشد كثيرا من ندم ما قيل..)
لذا كانت تعلم ان الندم سياتى يوما لا ينفع معه ندم
فقررت ان تعوض ما فات..ولكن على طريقتها الخاصة التي تناسب جمالها وكبريائها الخاص
فراقها كان صدمة اكبر من احتماله..
و تلك الرسالة التى حدثته عنها كانت اخر ذكرى يملكها لها
كثيرا ما حدثته عن تلك العلبة الزرقاء التى تحفظ رسالتها
و كثيرا ما جعلته يقسم على الا يفتحها الا حينما تغادر هى هذه الدنيا
الان فقط يتمنى انه لو لم يفعل..
يتمنى لو انه صام لبقية الدهر حتى يُكفر عن قسمه
فهو كان على اقل تقدير سيعرف مبكرا كل هذه الاحاسيس التى كتبت عنها
شيء بداخله كان دائما ما يخبره بانها تخفى بداخلها اكثر بكثير مما تبدى
لكنه كان دائما ما يقول لنفسه
بان ما تبديه افقده عقله بما فيه الكفاية..فماذا لو راى منها المزيد
لذا قرر ان يكتفى بما يظهر منها
و كان يراه اكثر من المطلوب ليحبها كل هذا الحب
كان يضع رسالتها بجانبه ليقرأها قبل ان ينام..
لكنه حتى اليوم لم يجرؤ على فتحها
شيء ما جعله يعتقد انه اذا كانت رسالتها هى اخر ما تقع عليه عينيه قبل النوم
فهذا يعنى انها ستزوره فى احلامه..
اى ان هذا سيعطيه الفرصة لتظل معه لست ساعات على اقل تقدير
ست ساعات اضافية معها..كانه حلم اخر يمارس عليه قصاص حرمانه منها
ويقرر اخيراً يخرج علبتها الزرقاء و يقرأ:
حبيبى..
نعم حبيبى..لا تتعجب فانت لم تسئ ترتيب الاحرف
ربما لم اقلها لك كثيرا..و ربما لم اقلها ابدا..لكنك انت وحدك من استحقها
و لانك كما عهدتك دوما صادقا..فانا على يقين بانك صنت عهدك معى
فمعنى انك تقرأ كلامى هذا الان اننى احدثك من العالم الاخر للرحيل
هذا العالم الذى طالما حدثتك عن رغبتى فى ان اكون جزئا منه والذي يشبه الموت وكأنه هو
و طالما اغضبك حديثى هذا
و كنت دائما ما تنهيه بغضب " ربنا يجعل يومى قبل يومك"
فينتقل غضبك الى و اصيح قائلة:
"بعد الشر..اسمع يجعل يومنا مع بعض .."
لعلك تتعجب الان من رغبتى المستميتة فى ان اكتب رسالتى هذه
و الحاحى الشديد بأن تقرأها
و لكنى على ثقة بان تعجبك هذا سيختفى بمجرد ان تنتهى من القراءة
كتبتها لانى اردت ان اخبرك و اخبرهم بما لم اجرؤ على قوله..
و لتعرفوا ما لم يكن من الممكن ان تعرفوه الا و انا غائبة عنكم
فحينما تجتمع معهم كما وعدتنى
و عندما تتذكرونى كما طلبت منك انا..ارجوك اخبرهم
اخبر امى باننى احبها كثيرا..احبها لانها هى..
على الرغم من اختلاف شخصياتنا الواضح و على الرغم من خلافاتنا الدائمة..
الا اننى احبها بعنف و لم اتخيل يوما نفسي ابنة لأم غيرها
اخبرها اننى كنت اجبن من ان اعبر لها عن احساسى نحوها
و اخبرها ايضا بانى تمنيت لو كنت السند الذى احتاجته
فألم يُتم الحاجة لم يخفف منه الا رغبتى فى ان اكون "هنا" معها
و اخبرهن ان وجودهن فى حياتى نعمة حقيقية من ربى
فمعهن عرفت معنى ان يكون لك اخوات لم ينجبهم والداك
و اطلب منهن ان يسامحونى على ابعادى لهن عندما كنت فى اشد لحظات ضعفى
و اشرح لهن اننى ابدا لم اقصد ان اقلل من دورهن فى حياتى..
و لكن كما تعلم ..هكذا انا
فقدرتى على ابعاد الاخرين تزداد كلما ازداد احتياجى لهم
و اخبر اخى اننى وددت لو كنت القدوة التى يستحقها
و وصيه بالا يعير كلامهم اى اهتمام..
فلماذا يصبح مثلى ان كان بإمكانه ان يكون هو؟
فانا لم اتمنى يوما ان يكون مثلى..فقط رغبت فى ان اراه سعيدا
و اخبر نفسك ان غضبى الظاهر
على ملابسك المبعثرة و جريدتك السياسية و نظارتك الطبية
كان اقل بكثير مما اشعر به .. فانا احبهم كما هم لانى احبك كما انت..
اتذكر انهم جزء منك..فاحبهم لانهم انت
و بان غضبك من قرائتى المستمرة
او "هوايتى الانانية" كما كنت تسميها كان يزيد من تمسكى بها..
فانا قوية حد السيطرة كما تعلم..و لكن ليس معك انت
فانا لا اقرأ لأتثقف..اقرأ فقط لأقنع نفسي كذبا بأن حياتى بها ما يشغلها سواك
و لكن بعض الالحاح منك كان يكفى لاتنازل عنها ايضا..
فصدقا حتى الان لا اعلم لماذا تتلاشى قوتى امامك كخيط رفيع من الدخان
و لانك تعرف ان الافلام العربية ليست من هواياتى
فانا لن اطلب منك ان تتذكرنى عند قرص الشمس الاحمر الدامى
فانا اكثر انانية من ذلك..ساطلب منك ان تذكرنى بكل ما تملك من طاقة على التذكر..
اذكرنى عندما يخرج صوتي من حنجرتك فأنا اعلم كم انت عاشق لصوتي
و عندما تتذكر ضحكتى الطفولية
و اذكرنى عندما تتذكر غضبك المختفى وراء كبريائك الذكورى
كلما بحثت عن الغيرة فى عيونى و انت بينهن..و لم تجدها
فاثارة غيرتى يا حبيبى ذنب لو تعلم عظيم كنت اخشى عليك منه
اذكرنى حينما تجد الجريدة امام الباب دون ان تجد من يدخلها ..
و حينما تتذكر فلسفاتى المملة
عن البدايات التى لم تنتهى و النهايات التى بدأت مبكرا
و اذكرنى عندما تنتهى قهوتك المفضلة
فتقرر ان تتصل بى لنبدأ اولى خلافاتنا الصباحية..
غير انى هذه المرة لن اجيب فلا تحزن
اذكرنى كلما شاهدت ذلك الفيلم الذى كنت اشاهده كلما اردت البكاء
فقط لادعى اننى اشفق على حال البطلة فى حين ان حالى انا هو الذى اشفق عليه
و اذكرنى حينما تتذكر جنوني الهستيري المصاحب لحزنى
ففى حين تعتقد انت اننى اهون على نفسي بالطبطبة
اكون انا فى وسط محاولة اخرى فاشلة
لاثبات ان ما يحدث حولى مجرد كابوس اخر احاول ان افيق منه
و اذكرنى كلما لمحت صورة بيتنا الصغير المطل على البحر..
و اذا ما قررت يوما ان تحلم به مع غيرى..
فارجوك لا تشتريه صغيرا ولا تشتريه على البحر
تراك عرفت الان سبب تمسكى بان تقرأها الان تحديدا
كتبتها لان جزءا منى لا يزال يهتم..
يهتم بان تعرفنى كما انا لا كما تريد ان تعرفني انت
بقى ان اقول لك كم احبك..ام ترانى فعلت؟!..
لماذا تبقى هذه الكلمة صعبة حتى فى كتابتها؟
اقول لك..فقط اذكرنى فأنا لازلت رغم جُرحي الذي ينزف حديثاً أحبك
وتسقط الرسالة ..ويسقط قلبي
تُرى هل تدركين حجم الخراب الذي خلفه حريق رسالتكِ الملعونة ..؟
تُرى هل تفيد رسائل الحُب عندما تأتي متأخرة عن موعدها ..؟
والتي لم يبقى منها غير حصاد الوجع ليبقة على هيئة انسان
محكوم عليه بالسجن الانفرادي بـمرافقة رائحتكِ والعلبة الزرقاء وخنجر في الصدر اسمه رسالة
جزء منكِ لازال يهتم وكُلي لا زال مقتول الغياب ..
لماذا لايمكننا اقتناص لحظاتنا ونخبر من نحبهم بمدى اهميتهم لنا وجه لوجه
لماذا نحتاج لكثير من العذاب لنستطيع ان نتعلم البوح
والذي لا نثمر منه غير الحسرة ووجع لا ينتهي ..!!!